الدعاء في السفر ليس مجرد عادة أو تقليد، بل هو فريضة دينية يؤكد عليها الإسلام، فهو السلاح الذي يحمي المسافر من كل سوء ومكروه، ويسهل عليه رحلته، ويجعله قريبًا من ربه في كل وقت وحين. فالدعاء هو الشريان الذي يربط بين العبد وربه، وهو النور الذي يضيء دروب المسافر في الظلمات. لقد حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الدعاء في السفر، وقد وردت العديد من الأدعية النبوية الشريفة التي يستحب للمسلم أن يدعو بها قبل السفر وأثناءه وبعده. هذه الأدعية تحمل في طياتها معاني عميقة تدعو إلى التوكل على الله والاعتماد عليه في كل الأحوال.
دعاء السفر
لابدا من دعاء السفر، لتلك الرحلة التي تحمل في طياتها الشوق إلى الأماكن الجديدة والتجارب المختلفة، وفي الوقت نفسه تحمل القلق على الغربة والبعد عن الأهل والأحباب.
أخرج مسلم في كتاب الحج، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: بسم الله، والحمد لله، ويكبر ثلاثًا ويقول: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، ومن كآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل.
دعاء السفر مكتوب
وفي خضم هذا التناقض بين الشوق والقلق، يجد المسلم ملجأه في دعاء السفر المكتوب، ذلك السلاح الروحاني الذي يمنحه الطمأنينة والسكينة.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا سَافَرَ فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ، قَالَ بِإِصْبَعِهِ وَمَدَّ شُعْبَةُ إِصْبَعَهُ – قَالَ: (اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ، اللَّهُمَّ اصْحَبْنَا بِنُصْحِكَ، وَاقْلِبْنَا بِذِمَّةِ اللَّهُمَّ ازْوِ لَنَا الْأَرْضَ، وَهَوَنُ عَلَيْنَا السَّفَرَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَابَةِ الْمُنْقَلَبِ) أخرجه الترمذي، وحسنه، وصححه الألباني.
دعاء السفر كامل
إن الدعاء في السفر الكامل هو مفتاح السعادة والأمان للمسافر، وهو السلاح الذي يحميه من كل سوء ومكروه. فليحرص المسلم على الدعاء في كل وقت وحين.
وعن ابْنَ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ، كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ اللهُمَّ إِنَّا تَسْأَلُكَ. فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى اللهُمَّ هَوَنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا ، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْنَاءِ السَّفَرِ، وَكَابَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ»، وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ: «آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ» أخرجه مسلم.