دعاء الاستفتاح، هذا النبع الصافي من الذكر والتسبيح، يمثل البداية المباركة لكل صلاة. فهو كالمفتاح الذي يفتح لنا أبواب العبادة، وكالباب الذي يدخلنا إلى حضرة الله تعالى. في هذه الكلمات القليلة، نجد خلاصة الإيمان بالله، والتسليم له، والرجاء في رحمته. فهو كلمات يرددها المسلم بعد تكبيرة الإحرام في بداية الصلاة، وهو سنة مؤكدة وليست واجبة. وقد وردت العديد من صيغ دعاء الاستفتاح عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها :
دعاء الاستفتاح
اتفق العلماء على أن دعاء الاستفتاح سنة مؤكدة، وأن من السنة أن يستفتح المسلم صلاته به. فباستفتاح الصلاة، يرفع المسلم قلبه إلى الله تعالى، ويتوجه إليه بكل خشوع وخضوع.
- ما رواه البخاري (٧٤٤) ، ومسلم (٥٩٨) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْكُتُ بَيْنَ التكبير وبَيْنَ القراءة إسكاتة – قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ : هنية – فَقُلْتُ : بأبي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ : أَقُولُ : اللَّهُمَّ بَاعِدُ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المشرق والمغرب ، اللَّهُمَّ نَقْنِي مِنَ الخَطَايَا ، كَمَا يُنقى الثوب الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ ، اللَّهُمَّ اغْسِلَ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ ، وَالثَّلْجِ ، وَالْبَرَدِ.
- وروى أبو داود (٧٧٦) ، والترمذي (٢٤٣) عن عائشة رضي الله عنها قالت : ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا استفتح الصَّلَاةَ ، قَالَ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، وَتَبَارَكَ اسمك وتَعَالَى جَدُّكَ ، وَلا إله غيرك ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في ” صحيح الجامع.
- وروى مسلم (۷۷۰) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها سئلت ، بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل ؟ قالت : ” كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ : اللهمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ ، وَمِيكَائِيلَ ، وَإِسْرَافِيلَ ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ ، فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ، اهْدِنِي لِمَا اخْتَلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.
دعاء الاستفتاح في الصلاة
بالإضافة إلى الصيغ المذكورة سابقًا، هناك العديد من الصيغ الأخرى لدعاء الاستفتاح، والتي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين. ومن هذه الصيغ:
- و روى مسلم (۷۷۱) ، والنسائي (۸۹۷) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أنه كان إذا قام إلى الصلاة ، قال : وَجَهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، إِنَّ صَلاتِي ، وَنُسُكِي ، وَمَحْيَايَ ، وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَبِذلِكَ أمَرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ . لا إله إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي ، وَأَنَا عَبْدُكَ ، ظَلَمْتُ نَفْسِي ، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا ، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقَ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّنَهَا إِلَّا أَنْتَ ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلَّهُ فِي يَدَيْكَ ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.
- وروى البخاري (٧٤۹۹) ، ومسلم (۱۷٥٨) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تهجد من الليل ، قال : اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، أَنْتَ الحَقُّ ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ ، وَلقَاؤُكَ الحَقُّ ، وَالجَنَّةَ حَقٌّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ ، وَبِكَ خَاصَمْتُ ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخْرْتُ ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ ، أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ.